ويرمز هذا العيد في الديانة اليهودية إلى الفترة التي خرج بها بنو إسرائيل من مصر، وتقول روايتهم إنهم صنعوا خلال خروجهم، وعلى مدار 8 أيام، فطيرا بدون خميرة بأمر من الله وبمنزلة شكر له على إنقاذهم من مصر.
ولذلك يعد هذا العيد أحد أكثر المناسبات أهمية لدى اليهود لارتباطه بتقديم قرابين الشكر لله على إنقاذ بني إسرائيل، حسب تفسيرهم.
وفي إطار التحضيرات لإحيائه، نفذ عدد من حاخامات المستوطنات والمعاهد الدينية اقتحاما تحضيريا لعيد الفصح، الأحد الماضي، ناقشوا خلاله أداء الطقوس في المسجد الأقصى، وأكد خلاله حاخامات "السنهدرين الجديد" (المجمع اليهودي) أن وقت تقديم القربان في هذا المسجد قد حان.
وخلال الاقتحام أُلقيت العديد من المحاضرات والنقاشات التحضيرية لعيد الفصح الذي سيتزامن مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان، وتمحورت حول التحضيرات لـ "قربان الفصح وبناء الهيكل وقدوم المسيح المخلص، وضرورة البناء البشري للهيكل تمهيدا لقدومه، وأهمية الوجود اليهودي الكبير في المسجد الأقصى".
ولاحقا قال أحد حاخامات "السنهدرين الجديد" يهودا كروزر خلال كلمة ألقاها داخل ساحات المسجد الأقصى "كل شيء جاهز لتقديم ذبيحة الفصح في جبل الهيكل وفي الوقت المحدد، هنا مكان المذبح (مشيرا إلى قبة السلسلة) وهناك خِراف بلا عيوب، وكهنة جاهزون، وملابسهم جاهزة، ينقصنا فقط تغيير الوعي، وأن نخطو الخطوة الأولى".
الهدف ذبح القربان في الأقصى
ووفقا للتعاليم التوراتية فإن القربان يجب أن يُذبح عشية عيد الفصح، وأن ينثر دمه عند قبة السلسلة التي يزعم المتطرفون أنها بُنيت داخل ساحات المسجد الأقصى لإخفاء آثار المذبح التوراتي.
ولتحقيق ذلك، قدّم زعيم الحركة المسماة "العودة إلى جبل الهيكل" المتطرف رفائيل موريس طلبا رسميا للشرطة الصهيونية للسماح لجماعته بتقديم "قربان الفصح" في المسجد الأقصى مساء الجمعة 15 أبريل/نيسان الجاري.
وقال موريس إنه يسعى إلى "تحقيق ذروة العبادة اليهودية في أقدس الأماكن" عادًّا أن هذا يشكل جوهر الصهيونية و"غايتها الأسمى" وأن رفض الشرطة لطلبه سيشكل سلوكا معاديا لليهود و"استسلاما مخزيا للإرهاب العربي".
وبعد يوم من تقديم طلبه، ردّت الشرطة برفضه، لكن موريس تعهّد بالحضور إلى المسجد الأقصى في الوقت المحدد لتقديم قربان الفصح.
الاقتراب الأكبر
ووصف عبد الله معروف أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة "إسطنبول 29 مايو" ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة بالمسجد الأقصى سابقا، التحضيرات لعيد الفصح اليهودي هذا العام، بـ "الاستثنائية" إذ دأبت جماعات الهيكل المتطرفة منذ عدة أعوام على محاولة الاقتراب أكثر فأكثر من المسجد الأقصى لتنفيذ طقس ذبح وتقديم القرابين.
عام 2014، قُدم القربان في قرية لفتا المقدسية المهجّرة، وعام 2015 بمستوطنة "شيلو" شمال رام الله، ثم اقتربت عام 2016 أكثر من الأقصى وقدمت القرابين في منطقة جبل الزيتون بالقدس، لتصل عام 2017 عند ما يُسمى "كنيس الخراب" في حارة المغاربة بالبلدة القديمة، وعام 2018 قُدمت عند القصور الأموية قرب سور المسجد الأقصى الجنوبي.
عام 2019 تم تقديمها في البلدة القديمة بالقرب من سوق اللحامين المطل على المسجد الأقصى. وتوقف هذا الطقس التوراتي عام 2020 بسبب جائحة كورونا، وتجدد عام 2021 بتقديمه في أحد الكُنس القريبة من حائط البراق.
هذا العام ترى الجماعات المتطرفة أن هذه اللحظة المناسبة لإدخال قرابين الفصح إلى الأقصى، وتحقيق حلمها بتنفيذ هذا الطقس في رحابه.
وحول رمزية ذبح القرابين في المسجد الأقصى من وجهة نظر المتطرفين، يقول معروف إن ذلك يعد من أهم رمزيات الوجود اليهودي في الأقصى لأنهم يتعاملون معه كونه معبدا.
ويُعد إجراء الطقوس، وعلى رأسها ذبح القربان داخل الأقصى، إقامة للمعبد الثالث من الناحية العملية لأن هذه الجماعات ترى أنها أقامته من الناحية الروحية عبر الاقتحامات المستمرة وإقامة الصلوات، وبالتالي فإن الخطوة القادمة هي إقامة الشعائر اليهودية الكبرى.
و"يُعدّ ذبح القربان نقطة لا غنى عنها في سبيل إقامة المعبد" عمليا في الأقصى قبل إقامته بصريا من خلال بنائه، وهنا منبع الخطورة الشديدة" حسب تقديرات معروف.
محاولات فاشلة
وعن خطورة تساهل شرطة الاحتلال، وانصياعها لمطالب المتطرفين، أكد الأكاديمي معروف أن الشرطة، ومنذ عهد وزير الأمن الداخلي السابق جلعاد أردان، باتت جزءا من اليمين المتطرف وتمثّل تطلعاته، لأن أردان عمل على تطعيمها بعناصر تتبع للمتطرفين، وحرص على إيصالهم لمراكز متقدمة في قيادة شرطة الاحتلال بالقدس.
وبالتالي "أصبحت الشرطة جزءا من معادلة الهجوم على المسجد وليست طرفا محايدا يسيطر على هذه المجموعات".
وينظر الأكاديمي بخطورة لمحاولات الاحتلال تحديد منطقة المواجهات في باب العامود، وصرف النظر عمّا يجري داخل المسجد الأقصى.
ووصف هذه المحاولات بـ "الفاشلة بكل المقاييس" مستدلا على ذلك بما حدث في شهر رمضان المنصرم من محاولات الاحتلال التركيز على منطقتي باب العامود والشيخ جراح، وفي النهاية كان الحدث الأكبر يوم 28 رمضان منطلقا من الأقصى.
وتوقّع الأكاديمي أن تتصاعد الأحداث بشكل "يتجاوز بمراحل ما حدث العام الماضي" إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن في المدينة المقدسة المحتلة.
(İLKHA)